• المقالات
  • مواقيت الصلاة المفروضة حسب موقعك الجغرافي

مواقيت الصلاة المفروضة حسب موقعك الجغرافي

تختلف مواقيت الصلاة من مكان لآخر على سطح الكرة الأرضية، وذلك بسبب دوران الأرض حول محورها دورة كاملة في 24 ساعة تقريبًا كما هو معروف، وتعتمد مواقيت الصلاة للمسلمين في اليوم والليلة على حركة الشمس في السماء، ودلّت الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتواتر إجماع المسلمين على مواقيتها الدقيقة خلال اليوم، ومن ذلك ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سُئل عن مواقيت الصلاة فقال:

«وَقْتُ صَلَاةِ الفَجْرِ ما لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ الأوَّلُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتِ الشَّمْسِ عن بَطْنِ السَّمَاءِ، ما لَمْ يَحْضُرِ العَصْرُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ العَصْرِ ما لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَيَسْقُطْ قَرْنُهَا الأوَّلُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ المَغْرِبِ إذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، ما لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ العِشَاءِ إلى نِصْفِ اللَّيْلِ» [رواه مسلم:612].

كما أخذنا مواقيت الصلاة من فعله صلى الله عليه وآله وسلم كما في رواية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه إذ يقول:

«أنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عن مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَرُدَّ عليه شيئًا، قالَ: فأقَامَ الفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الفَجْرُ، وَالنَّاسُ لا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ بالظُّهْرِ، حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، وَالْقَائِلُ يقولُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَهو كانَ أَعْلَمَ منهمْ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ بالعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ بالمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَخَّرَ الفَجْرَ مِنَ الغَدِ حتَّى انْصَرَفَ منها، وَالْقَائِلُ يقولُ قدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، أَوْ كَادَتْ، ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حتَّى كانَ قَرِيبًا مِن وَقْتِ العَصْرِ بالأمْسِ، ثُمَّ أَخَّرَ العَصْرَ حتَّى انْصَرَفَ منها، وَالْقَائِلُ يقولُ قَدِ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَخَّرَ المَغْرِبَ حتَّى كانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفقِ، ثُمَّ أَخَّرَ العِشَاءَ حتَّى كانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأوَّلُ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ، فَقالَ: الوَقْتُ بيْنَ هَذَيْنِ. وفي رواية: فَصَلَّى المَغْرِبَ قَبْلَ أنَّ يَغِيبَ الشَّفَقُ في اليَومِ الثَّانِي» [رواه مسلم:614].

وفي هذا المقال سنفصل كيفية حساب المواقيت لكل صلاة من الصلوات الخمس المفروضة، نتناولها بالترتيب طبقًا لليوم الشرعي حيث يبدأ اليوم في التقويم الهجري القمري وهو اليوم المعتمد شرعًا، من غروب الشمس وينتهي بغروب الشمس التالي، فيكون ترتيب الصلوات في اليوم كالتالي: المغرب - العشاء - الفجر - الظهر - العصر، وعلى هذا التقدير فصلاة الفجر هي الصلاة الوسطى التي قال فيها المولى سبحانه وتعالى: ﴿حَـٰفِظُوا۟ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُوا۟ لِلَّهِ قَـٰنِتِينَ﴾ [البقرة:238] -والقنوت يعني السكوت، فلا يصح الكلام داخل الصلاة بما يبطل الصلاة-، ووقت كل صلاة من الصلوات الخمس في اليوم والليلة له بداية ونهاية، ويكون أداء الصلوات بين هذين الحدّين أو تكون الصلاة قضاء في خارج وقتها.

وتعتمد حسابات حركة الشمس الحديثة على نماذج رياضية دقيقة يمكن من خلالها حساب وقت شروق الشمس وغروبها وتوسطها في السماء وغيرها من المواقيت التي تتحدد عليها الصلوات الخمس، وتعتمد هذه النماذج بالأساس على تقسيم الأُفق بين مطلع الشمس ومغربها إلى 180 درجة زاويّة، وتكون الدرجات الباقية للدائرة المتخيلة (بقية الـ360 درجة) تتحرك فيها الشمس تحت الأُفُق، فتسير الشمس خلال النهار 180 درجة زاويّة على دائرة الأُفُق فوق الرأس، و 180 درجة زاويّة تحت الأُفُق ليلًا، وتستغرق هذه الدائرة 24 ساعة تقريبًا وهي طول اليوم الواحد، فيكون متوسط طول الدرجة الزاويّة تقريبًا أربع دقائق زمنيّة، ويكون توسطها في السماء فوق الرأس مباشرة عند درجة 90.

وباستخدام هذا التصور البسيط والدقيق في نفس الوقت، نستطيع تحديد مواقيت الصلاة بالدرجات الزاوية للشمس خلال رحلتها على دائرة الأفق سواء في فترة النهار فوق الرأس أو في فترة الليل تحت الأفق، فنقول إن وقت غروب الشمس يكون عند نزول قرص الشمس كاملًا تحت درجة 180، وشروقها عند درجة صفر، وهكذا جميع المواقيت يمكن عزوها للدرجة الزاوية للشمس في دائرة الأُفُق أو تحته وعلى ذلك يتم الحساب.

وقت صلاة المغرب

يكون دخول أول وقت صلاة المغرب عند غروب قرص الشمس كاملًا تحت الأفق، وذلك لما رواه سلمة بن الأكوع رضي الله عن فعله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: « أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي المغربَ إذا غربتِ الشَّمسُ وتوارتْ بالحِجابِ » [رواه مسلم] والمقصود بالحجاب الأُفُق، يعني غابت تحت الأُفُق فلا يظهر منها شيء، ومن رواية أبي موسى الأشعري المذكورة سابقًا: « … ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ بالمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ »، فهذا بداية وقت صلاة المغرب، وينتهي وقتها بدخول وقت صلاة العشاء بغياب الشَّفق الأحمر من السماء لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: « وَوَقْتُ صَلَاةِ المَغْرِبِ إذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، ما لَمْ يَسْقُطِ الشَّفَقُ » وفي رواية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: « ثُمَّ أَخَّرَ المَغْرِبَ حتَّى كانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفقِ » والشفق الأحمر هو الضوء الذي يظهر في جهة الغرب بفعل تبعثر ضوء الشمس في الطبقة العليا من الغلاف الجوي بعد نزول قرصها تحت الأفق و باختفائه يدخل وقت صلاة العشاء.

وباستخدام النماذج الحديثة نستطيع حساب وقت غياب قرص الشمس تحت الأفق بدقة بالنسبة لموقع معين على سطح الكرة الأرضية، ويكون ذلك عند نزول أعلى قرص الشمس تحت الأفق الغربي بزاوية 180 درجة زاويّة، ويتم إضافة دقيقة على الوقت للتأكد من الغروب بشكل كامل لأن الحسابات ينتج عنها كسور بالثواني، وهو ما يسمى بالتمكين. وهذه هي المواقيت التي يتم اعتمادها في مطبوعات مواقيت الصلاة للمسلمين كما هو المتعارف عليه من هيئة المساحة المصرية على سبيل المثال.

وقت صلاة العشاء

ويبدأ وقت صلاة العشاء بانتهاء وقت صلاة المغرب بغياب الشفق الأحمر من السماء في الغرب لما تبين من [الأدلة المذكورة]، وينتهي وقت صلاة العشاء بنص الحديث بدخول [منتصف الليل الشرعي] ويمكن حسابه بقسمة [ساعات الليل] من غروب الشمس إلى طلوع الفجر على اثنين. وجدير بالذكر أن منتصف الليل الشرعي مختلف عن منتصف الليل المشهور الآن المحدد بالساعة 12 ليلًا. ويختلف منتصف الليل الشرعي حسب طول وقصر الليل على مدار العام، وعن أبي قتادة بن ربعي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل قال: « إنَّما التَّفْرِيطُ علَى مَن لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الأُخْرَى » رواه النسائي فيكون وقت صلاة العشاء ممتدًا حينها للفجر لأنها هي الصلاة الأخرى التالية لها، فلا تفريط إذا صليت قبل الفجر على ما اختاره بعض الفقهاء، وفي رواية أبي برزة الأسلمي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه: « كانَ يَسْتَحِبُّ أنْ يُؤَخِّرَ العِشاءَ »رواه النسائي يعني بعد غياب الشفق الأحمر، فيكون أفضل وقتها ما كان متأخرًا عن [غياب الشفق بحوالي 17 دقيقة تقريبًا] إلى منتصف الليل الشرعي، ويمتد إلى الفجر مع ذهاب الأفضلية، فيكون أوّل وقتها عند نزول قرص الشمس كاملًا تحت الأفق الغربي بمقدار 17.5 درجة زاويّة تقريبًا بحسب هيئة المساحة المصريّة.

وقت صلاة الفجر

يبدأ وقت صلاة الفجر بطلوع الفجر الصادق وهو ضوء ينتشر يمينًا وشِمالًا في السماء ويسمى بالفجر المستطير، ويسبقه فجر كاذب يسمى بالفجر المستطيل ينتشر من أسفل الأفق إلى أعلاه كذيل الثعلب بنحو ثلث الساعة تقريبًا، وهو لما دلّت عليه رواية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه المذكور سابقًا: « .. فأقَامَ الفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الفَجْرُ، وَالنَّاسُ لا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا »، ثم يمتد حتى شروق الشمس حيث يقول: « .. ثُمَّ أَخَّرَ الفَجْرَ مِنَ الغَدِ حتَّى انْصَرَفَ منها، وَالْقَائِلُ يقولُ قدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، أَوْ كَادَتْ »، ورواية عمرو بن العاص رضي الله عنه: « … وَقْتُ صَلَاةِ الفَجْرِ ما لَمْ يَطْلُعْ قَرْنُ الشَّمْسِ الأوَّلُ »، وقد اختلف المعاصرون في تحديد زاوية الشمس عند أول وقت الفجر الصادق وأدق حساب لها ما قامت به هيئة المساحة المصرية أنّ طلوع الفجر الصادق يكون عند زاوية 19.5 للشمس تحت الأفق الشرقي، واعتمدت بعض الهيئات الأخرى درجات مثل 18 درجة زاويّة.